إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

مذكراتي ....


يقول أبو القاسم الشابي :

ونعيد اغنية السواقي وهي تلغو بالخرير
ونظل نركض خلف اسراب الفراش المستطير
ونمر مابين المروج الخضر في سكر الشعور
نشدو ونرقص كالبلابل للحياة وللحبور
ونظل ننثر للفضاء الرحب والنهر الكبير
مافي فؤادينا من الاحلام او حلو الغرور
ونشيد في الافق المخضب من امانينا قصور
(1)
قضينا بداية طفولتنا بقريتنا الحالمه على ضفاف النيل ،، قبل أن نعرف صخب المدن وبريقها الزائف المصنوع ،، قضيناها وسط الحدائق والأزاهير والمروج ،،
وأذكر أيامها مؤذن مسجد قريتنا المعروف العم إبراهيم زياده رحمه الله تعالى ،، الذي كان له صوتا عذبا يجذبك إليه ،، وخاصة قبل النداء الأول ليوم الجمعه ،، حيث كان يصلي على الرسول (ص) بصوت طرئ وعذب :
الصلاة والسلام عليك يارسولي ياسيدي يا ابن عبدالله
ويرتل آيات من القرآن الكريم .
لازالت نبرة ذلك الصوت في أذني ،، ولازلت أذكر أنه كان لهذا الرجل الفاضل مزرعة غناء من أشجار البرتقال والمانجو ،، فكان كل مامر بنا وزع لنا من جيبه .
أيام كانت للحياة حلاوة ،،،
(2)
كان منزلنا الواسع يقع على الشارع الرئيسي للقرية ،، وكان سابقا يسمى بــ (درب) المأمور وسمي بذلك لمرور المفتش الإنجليزي آنذاك به ،، وهذا ماسمعناه من كبار أهلنا ،، وفي أيامنا كان يسمى بطريق السوق حيث انه يؤدي للسوق الرئيسي لبلدتنا ،، كان منزلنا يقع على هذا الطريق ،، لذلك كان قبلة لمعظم زوار البلده من كبار المسئؤلين والضيوف ،، وكان مبنيا من الطوب الأحمر مدهونا بدهان أبيض شامخا كالقصر وله بوابه واسعه اماميه واخرى صغيره خلفيه تفتح على جنائن لنا من البرتقال وأشجارالنخيل والمانجو والجوافه ،، وكنت عندما أفتح الباب الخلفي للمنزل كأني دخلت عالما آخرا من سحر الطبيعه الغنّاء ورائحة زهور المانجو البرتقال وهي تتفتح وجداول المياه تشقهما بصوت خريرها العزب ،، معظم طفولتي التي أحكي عنها كانت في الثمانينات قبل فيضان النيل الكاسح الذي قضى على الأخضر واليابس في أواخر ذلك العام . .

(3)
طفولتي .....
لازلت أذكر جيّدا تلك الأيام بكثيرمن تفاصيلها ، عندما كنا نقطف كميّة من ثمرالمانجو و البرتقال ونقيم مسابقه في من يأكل أكبر عدد من حبات المانجو أو البرتقال ،، وأذكر يوما أن أحد أصدقائي في الحي قد تفوق علينا بأكل دسته من البرتقال !
كانت بجنائنا أصناف من المانجو والتي كنا نسميها (بالهنديّه ،، والمانجو البلديّه ،، والمانجو السمكيّه لانها كانت شبيهة بالسمك وكذلك مانجو كبيرة في الحجم كنّا نسميها (قلب الثور) لضخامتها) ،، وكنت كثيرا ما أحب المانجو الهنديّه لعدم وجود ألياف بداخلها وفيها شئ من الحموضه .
كنّا نتسلق أشجار النخيل ونأكل من (الرطب) الأصفر و الأحمر اليانع الطريء ،، وكان مقياسنا (للرطب) الجيّّد من كثرة شقشقة الطيور التي عليه فالطيور لاتقع إلا على أجود الثمر ،، فكنا نجلس في أعلى النخله بالساعات ،، حاملين معنا (شنطه) مصنوعة من القماش نرجع بها مملؤه بالرطب اليانع لأهلنا . وكنّا نسميّه (أبورأس) و ( شكله كما بهذه الصورة )

(4)
حي العيساب ،،،،
حيّنا الذي نسكنه يسمى (العيساب) مشتق إسمه من جّدنا العيسابي ،، وكان رجلا معروفا ومشهورا بالمنطقه ،، شيخا ورعا حافظا للقرآن ، مهتما بالعلم والعلماء ، كريما مضيّافا .
نشأنا في هذا الحي العريق ،، ومن المصادفه أن جميع أصدقائي بالحي من أبناء عمومتي وأقاربي كانوا يسمون (محمد) فكنّا خمسه من إسم واحد وسن متقاربه ،، فكنّا مشهورون بالحي بإسم (المحمدات) لاننا لانفترق أبدا إلا عند النوم ،، نذهب للمدرسة سويّا ونحضر سويّا ، ونلعب سويّا ، ومن سخريّة القدر أننا قد تفرقنا الآن كل في أحد الأصقاع ،، ولا أبالغ إن قلت لكم أن الظروف لم تشاء أن تجمعني بهم منذ أعوام . كأنه قد كتب علينا أن نجتمع في طفولتنا كأننا توائم ، ونفترق في مقبل عمرنا كأننا أغراب .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق